الجمعة Apr 11 2025 04:06
1 دقيقة
يُعد الذهب ركيزة أساسية في الاقتصاد والثقافة الإماراتية، حيث يجمع بين القيمة الاستثمارية والرمزية. من سوق الذهب التاريخي في دبي إلى متاجر المجوهرات الفاخرة في أبوظبي، يظل سعر الذهب مؤشرًا يتابعه المستثمرون والأفراد يوميًا. يتميز الذهب بخصائصه الفريدة كمخزن للقيمة، حيث إمداداته المحدودة وطبيعته غير القابلة للتلف تجعله ملاذًا آمنًا ضد التضخم، انخفاض قيمة العملات، والاضطرابات الاقتصادية. في هذا الدليل، نستعرض العوامل المؤثرة على سعر الذهب، تاريخه، وكيفية الاستثمار فيه بحكمة في الإمارات.
على عكس الأسهم أو السندات، يتمتع الذهب بقيمة ملموسة وسهولة تصرف عالية في الأسواق العالمية. يُعتبر الذهب معترفًا به عالميًا كأصل ذي قيمة ثابتة، بغض النظر عن الظروف السياسية أو الاقتصادية. في الإمارات، يُنظر إلى الذهب كجزء لا يتجزأ من التقاليد، خاصة في المناسبات مثل الأعراس، مما يعزز الطلب المحلي. يرتفع سعر الذهب عادةً عندما تنخفض الثقة في الأصول المالية الأخرى، كما يحدث خلال التضخم العالي، عدم اليقين الاقتصادي، أو التوترات الجيوسياسية. هذه الخصائص تجعل الذهب خيارًا مثاليًا لتنويع المحافظ الاستثمارية.
بدأ العصر الحديث لتسعير الذهب في عام 1971 مع انتهاء نظام بريتون وودز، مما سمح لسعر الذهب بالتذبذب بحرية. خلال السبعينيات، شهد الذهب تقلبات كبيرة بسبب التضخم الراكد، وبلغ ذروته في يناير 1980 عند حوالي 3300 دولار للأونصة (معدلة حسب التضخم). في الإمارات، كان هذا العقد بداية صعود دبي كمركز عالمي لتجارة الذهب، حيث بدأ سوق الذهب في ديرة يكتسب شهرة عالمية.
في القرن الحادي والعشرين، ارتبطت ارتفاعات سعر الذهب بالأزمات الاقتصادية الكبرى. على سبيل المثال، خلال الأزمة المالية لعام 2008، قفز سعر الذهب من 730 دولارًا إلى 1300 دولار بين أكتوبر 2008 وأكتوبر 2010. بحلول منتصف 2011، وصل إلى 1825 دولارًا خلال أزمة ديون الدول الأوروبية. مؤخرًا، أدت جائحة كورونا إلى ارتفاع آخر، حيث سجل سعر الذهب مستوى قياسيًا جديدًا فوق 2900 دولار في فبراير 2025، مدعومًا بالتضخم العالي والتوترات السياسية. في الإمارات، شهدت هذه الفترة زيادة في الطلب على الذهب الفعلي، خاصة في شكل سبائك ومجوهرات، حيث يُعتبر استثمارًا آمنًا.
ومع ذلك، عند مقارنة الأداء طويل الأجل، فإن استثمار 100 دولار في الذهب عام 1972 كان سيصل إلى حوالي 4500 دولار بحلول 2024، وهو عائد قوي، لكنه أقل من استثمار مماثل في مؤشر S&P 500، الذي كان سينمو إلى أكثر من 18500 دولار. هذا يبرز أهمية تنويع الاستثمارات.
1. العرض وإنتاج التعدين
يخضع سعر الذهب لقانون العرض والطلب، لكن الذهب فريد لأن الإمدادات الجديدة السنوية صغيرة (2-3% من المخزون فوق الأرض). هذا يجعل الأسعار حساسة لتغيرات الطلب أكثر من العرض. في الإمارات، التي تُعد مركزًا لتكرير الذهب وتجارته، تؤثر التغيرات في إنتاج المناجم العالمية بشكل غير مباشر على الأسعار المحلية. على سبيل المثال، ارتفاع تكاليف التعدين إلى حوالي 1212 دولارًا للأونصة في 2024 يدعم وجود حد أدنى لسعر الذهب في السوق.
2. احتياطيات البنوك المركزية
تملك البنوك المركزية حوالي خمس إجمالي الذهب المستخرج عالميًا، وتؤثر سياساتها على سعر الذهب. تشتري البنوك الذهب لتعزيز استقرار أنظمتها النقدية، وعندما تقوم بعمليات شراء كبيرة، يرتفع سعر الذهب عالميًا. في الإمارات، تدعم مصفاة دبي للذهب هذه الديناميكية من خلال توفير ذهب عالي النقاء للأسواق الإقليمية والعالمية. في السنوات الأخيرة، زادت مشتريات الذهب من قبل بنوك مركزية في اقتصادات ناشئة، مما عزز سعر الذهب.
3. التضخم وقيمة الدولار الأمريكي
يرتبط سعر الذهب عكسيًا بقيمة الدولار الأمريكي، حيث يصبح الذهب أرخص للمشترين الأجانب عند ضعف الدولار، مما يزيد الطلب. في الإمارات، حيث يرتبط الدرهم بالدولار، تؤثر هذه العلاقة مباشرة على سعر الذهب المحلي. على سبيل المثال، عندما تنخفض أسعار الفائدة الأمريكية، يصبح الذهب أكثر جاذبية كونه لا يدر عائدًا، مما يدفع سعر الذهب للارتفاع. حتى في منتصف 2020، استمر سعر الذهب في الارتفاع رغم انخفاض التضخم وأسعار الفائدة.
4. عدم اليقين الاقتصادي والطلب على الملاذ الآمن
تدفع التقلبات السوقية، التوترات الجيوسياسية، والأزمات الاقتصادية المستثمرين نحو الذهب. في الإمارات، يُعتبر الذهب جزءًا من الثقافة الاستثمارية، حيث يلجأ الأفراد إليه لحماية ثرواتهم خلال الأزمات. يوضح دراسة من جامعة ويسكونسن (2012) أن الذهب يتحرك عكسيًا مع الأسواق خلال الأزمات، مما يجعله تأمينًا ضد المخاطر الجهازية.
5. الطلب الاستثماري عبر صناديق الاستثمار
أصبحت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (ETFs) قوة رئيسية منذ أوائل القرن الحادي والعشرين. في الإمارات، يزداد الاهتمام بهذه الصناديق مع نمو الوعي الاستثماري. على سبيل المثال، يمتلك صندوق SPDR Gold Shares ETF أكثر من 31.6 مليون أونصة من الذهب بقيمة تزيد عن 90 مليار دولار في الربع الأول من 2025. في الربع الثالث من 2024، شهدت صناديق الذهب تدفقات استثمارية بلغت 95 طنًا، مما عزز سعر الذهب.
6. الطلب الاستهلاكي: المجوهرات والتكنولوجيا
يشكل قطاع المجوهرات حوالي 50% من الطلب العالمي على الذهب، وفي الإمارات، يُعتبر سوق الذهب في دبي وجهة عالمية لشراء المجوهرات. يزداد الطلب خلال مواسم الأعراس والأعياد مثل عيد الفطر. كما ينمو الطلب الصناعي على الذهب في الإلكترونيات، حيث تستخدم الإمارات الذهب في تصنيع الأجهزة المتطورة، مما يعزز استقرار الطلب.
7. العوامل المحلية في الإمارات
يؤكد الخبراء مثل دانيال بوسطن، مؤسس Preserve Gold، أن التغيرات في الطلب تؤثر على سعر الذهب بشكل أكبر من العرض. على سبيل المثال، عندما أعلنت بنوك مركزية عن مشتريات كبيرة في 2024، قفز سعر الذهب خلال ساعات. في المقابل، تؤثر تغيرات العرض مثل إغلاق المناجم على المدى الطويل. في الإمارات، يعزز الطلب المحلي من المجوهرات والاستثمار هذه الديناميكية.
مع استمرار التوترات الجيوسياسية وتوقعات التضخم، يتوقع المحللون أن يظل سعر الذهب مرتفعًا في 2025، مع احتمال تجاوز 3000 دولار للأونصة إذا تفاقمت الأزمات. في الإمارات، قد يدعم الطلب المحلي من السياح والمستثمرين هذا الاتجاه، خاصة مع اقتراب موسم الأعياد.
يظل الذهب خيارًا استثماريًا وثقافيًا لا غنى عنه في الإمارات. سواء كنت تشتري مجوهرات من سوق الذهب في دبي، تستثمر في سبائك من مراكز موثوقة مثل مصفاة الإمارات للذهب، أو تتداول في صناديق ETFs، فإن فهم العوامل المؤثرة على سعر الذهب يساعدك على اتخاذ قرارات ذكية. تابع سعر الذهب يوميًا واستفد من مكانة الإمارات كمركز عالمي لتجارة الذهب لتحقيق أهدافك المالية.